لبنانيات >أخبار لبنانية
"منع التدخين" الى الواجهة من جديد: استعدّوا لـ"المحاضر"؟!
الجمعة 2 06 2017 10:23بمناسبة اليوم العالمي للإمتناع عن التبغ، نشرت منظمّة الصحّة العالميّة تقريراً، بعنوان "التبغ وأثره البيئي" أبرزت فيه كيف أنّ التبغ يُهدّد التنمية في كافة بلدان العالم، داعيةً الحكومات الى تنفيذ تدابير قويّة لمكافحته، من ضمنها تلك التي تُحظّر تسويق التبغ والإعلان عنه، ومنع التدخين في المناطق العامّة المغلقة وأماكن العمل، مشدّدة على ضرورة هزيمة التبغ من أجل الصحّة والرخاء والبيئة والتنمية الوطنيّة، حيث أنّ إنبعاثات دخّان التبغ تُساهم في تلويث البيئة بآلاف الأطنان من المواد التي تصيب الإنسان بالسّرطان والمواد السمّية وغازات الدفيئة. والأمثلة على أضرار التدخين كثيرة.
هذا التقرير يعيدنا بالذاكرة الى 3 أيلول 2011، يوم إعتبر هذا التاريخ، بمثابة إنجاز ينقل لبنان الى مرتبة الدول المتقدّمة التي تضع صحّة المواطن شعاراً وفعلاً، ضمن أولويّاتها، وذلك من خلال منع التدخين في الأماكن العامّة المُغلقة تطبيقاً للقانون رقم 174. بيد أنّ الحملة التي "تجرّأ" على تنفيذها الوزراء السابقون فادي عبّود ومروان شربل ونقولا نحّاس، بالتعاون مع وزير الصّحة (وزير المال الحالي) علي حسن خليل، والتّي تميّزت بجدّية المُراقبة والمُحاسبة، وحازت على تنويه لافت من قبل منظّمة الصحّة العالميّة، لم تدُم طويلاً، إذ فشلت الحكومات المُتعاقبة في إستكمال تطبيق هذا القانون، لا بل تجاوزته وخرقت بنوده عبر وزراء يدخّنون داخل مجلس الوزراء غير آبهين لوجود الصحافيّين أو المصوّرين والاعلاميّين الذّين تمكّنوا من توثيق هذه المخالفات مرّات عدّة.
اليوم، قد يقول البعض، بأنّ الأزمات في لبنان كثيرة، وهذه الملفّات تُعتبر ثانويّة وتحتمل التأجيل، كما يَسخر البعض بإثارة هكذا موضوع الآن فيما البلد بخطر والمُستقبل مجهول، والمنطقة تشتعل، ومصير الإستحقاق النيابي معلّق... و"داعش" على الأبواب... وغيرها من الأعذار التي بوجودها وحتّى في غيابها لم يُصار الى تطبيق القانون، ومع ذلك وإذا أخذنا بعين الإعتبار أهميّة هذه النقاط، علينا ان لا ننسى بأنّ هذه الملفات والبلد ككلّ، لا يساوي شيئاً أمام صحّة المواطن وحياته التي بالمحافظة عليها ووجود الانسان يستمرّ الوطن.
إنطلاقاً مما تقدّم، ومن تقرير منظّمة الصحّة العالميّة وتسجيل لبنان المرتبة الأولى في الشّرق الأوسط من حيث عدد الإصابات في الامراض السرطانيّة، نعيد فتح هذا الملف، مع وزير السّياحة الاسبق فادي عبّود، أحد أبرز عرّابي القانون، الذي عبّر لموقع "ليبانون ديبايت" عن أسفه الشّديد لعدم تطبيق قانون صادر عن مجلس النوّاب، وحائز على اكثريّة ساحقة من الأصوات، ما يُشكل خرقاً صريحاً وفاضحاً ليس فقط للقانون، إنّما لصحّة المواطن وللحريّة الشخصيّة ولا سيّما في ما خصّ غير المُدخّنين.
وإذ تمنّى على وزيري الصحّة والسّياحة منح هذا الملف الإهتمام المطلوب، فصحّة الانسان لا يمكن إهمالها أو تعريضها للخطر، روى عبّود ما حدث معه في أحد المطاعم الشّهيرة في "سوليدير"، حيث "شكا لأحد العاملين في المطعم، بأنّ رائحة الدخّان أزعجته كثيراً، فكان الجواب بـ"أنّ سوليدير" أعطت الإذن بالتدخين في الأماكن المقفلة، وكأن هناك جمهوريّتان وسلطتان تقرّران في هذا الموضوع". وقال:"أنا من المدخّنين، لكن لا أسمح لنفسي بأنّ أدخّن في مكان مُغلق، فأضايق الموجودين، لأنّ "حريّة الإنسان تنتهي عندما تبدأ حريّة الآخرين".
ولفت عبّود الى أنّه "عندما طبّقنا القانون، تعرّضنا لهجوم من جهّات عدّة، ومن نقابة أصحاب المطاعم، فطلبنا من مجلس شورى الدّولة إعادة النظر بالقانون وتمّ وضع بعض التعديلات عليه، ومع ذلك عادت المخالفات بالجملة، حتّى المطاعم التي إلتزمت في السّابق يوم كنت وزيراً لم تعد تطبّق القانون اليوم، وسط غياب تامّ لمحاضر الضبط". مشيراً الى أنّ "المخالفات لا تُرتكب فقط من جانب أصحاب المطاعم والفنادق والملاهي... بل هناك الكثير من الوزراء والنوّاب والقضاة والمسؤولين، الذين يخالفون القانون ولو كنّا في بلد غير لبنان لكانت أنزلت أشد العقوبات بحقّ هؤلاء تصل الى حدّ الإقالة، لذا فعلى الشّعب اللّبناني أن لا يمنح ثقته لمسؤول يقوم بمخالفة أي قانون كان".
وأشار عبّود الى أنّ "القانون يجب أن يطبّق، خصوصاً أن الوزراء المعنيّين يدركون جيّداً حجم الأضرار الصحيّة والبيئيّة وحتى الاقتصاديّة التي يمكن أن يتسبّب بها التدخين، وسبق لوزير الصحّة أن أعلن بنفسه عن إرتفاع كبير ومخيف في نسب مرضى السّرطان ونسب الوفيّات. وكلّ الكلام عن تضرّر القطاع السّياحي والاقتصادي جرّاء تطبيق قانون حظر التدخين، هو غير دقيق، لأنّه وبحسب تقرير منظّمة الصحّة العالميّة، فإنّ "تعاطي التبغ يسبّب وفاة ما يزيد على 7 ملايين شخص كلّ عام، ويكلّف الأسر والحكومات أكثر من 1.4 تريليون دولار أميركي من خلال الإنفاق على الرعاية الصحيّة وفقد الإنتاجيّة، كما يؤدّي الى تفاقم مشكلة الفقر، ويُساهم حتّى في تقليل خيارات الأغذية المنزليّة، ومن شأنه أيضاً أن يلوّث الهواء في الأماكن المغلقة... وغيرها من التهديدات الكثيرة التي تطال الصحّة، البيئة، التنمية الوطنيّة والإقليميّة، والإقتصاديّة".
وأضاف عبّود:"على المسؤولين الخائفين من إحتمال تدهور شعبيّتهم عند تطبيق القانون، أن يعلموا وينتبهوا الى أنّ أعداد غير المُدخّنين في لبنان تفوق أرقام المُدخّنين، وبالتّالي فإنّ شعبيّتهم لن تتأثّر بل على العكس ستتحسّن. وهذه المعلومات الرسميّة تؤكّد أنه ليس هناك أي مبرّر لعدم تطبيق القانون رقم 174".
في المُقابل، أكّدت مصادر مقرّبة من وزارة الصحّة، بأنّ "الوزير غسّان حاصباني، يضع هذا الملفّ ضمن أولويّاته، وسيحرص على متابعته مع الجهّات والوزارات المعنيّة، وسبَق أن تعرّض إقتراح رفع الضريبة على الدّخان لهجوم "عنيف" بحجّة تشجيع التهريب، علماً بأن هذا الإقتراح كان من شأنه أن يساهم في تخفيف التدخين من جهّة، ويؤدّي الى تخفيف كلفة العلاج من الأمراض التي يتسبّب بها هذا المُنتَج"